قوانين البشر
◾ ولان الانسان محدود العلم محدود القدره..فهو لا يستطيع أن يري من المستقبل شيئا..ولذلك يضع القوانين التي تعالج حالات ظاهره..ولكن ما خفي عليه لا يتنبه له..ثم تأتي الأيام لتظهر بعض ما كان خافيا..فنجد ان القوانين التي وضعت غير صالحه وهي محتاجه الي تعديل.
◾ وهكذا يحدث تعديل بعد تعديل ليعالج داءات ظهرت لم يتنبه اليها..وكان من الاجدر بالناس بدلا من أن يدخلوا في هذه التجارب المريره التي تسبب لهم الشقاء.أن ينتبهوا الي أن خالق هذا الكون الذي اوجده وحدد هدفه..قد وضع له القوانين التي تصلح له..وان الله منزه عن كل ما في هذا الكون..فهو لا يحتاج لما في يد خلقه كما يحتاج البشر لما في ايدي بعضهم البعض..وهو ليس له صاحبه ولا ولد..فكلنا متساوون امامه لأننا جميعا من خلقه..وهو غني عن هذا العالم لأنه خلقه بكمال صفاته دون ان يحتاج لأحد منا..
⬅️ اذن فهو سبحانه وتعالي الذي يستطيع ان يشرع..وان يشرع بالعدل المطلق..وهو عليم لا يغيب عن علمه شئ..لذلك فهو محيط بكل ظروف الكون الحاليه والمستقبله،فلن يفاجئه شئ يقتضي تعديلا في قوانيه..والعجيب ان البشر يرفضون تطبيق قوانين الدنيا في استقبالهم لمنهج الله..فصانع الشئ في الدنيا هو،الذي يضع قوانين صيانته ومنهج عمله..فالذي صنع التليفزيون مثلا هو الذي يقول لك كيف يعمل..واي القواعد تتبع لحسن تشغيله..فاذا فسد في التليفزيون شئ اسرعت به الي صانعه ليصلحه ويعيده الي اداء مهمته..فاذا لم يكن الصانع موجودا فهناك وكيل عند قد اخذ الصنعه منه..فاذا لم يكن الوكيل موجودا لجأنا الي الكتالوج الذي اعده الصانع لنستعين به..
ونحن صنعه الله سبحانه وتعالى..هو الذي خلقنا واوجدنا..ولذلك فإنه سبحانه وتعالي هو وحده القادر علي ان يضع لنا القوانين التي نؤدي بها مهمتنا علي أصلح وجه..وهو سبحانه وتعالي القادر علي أن يخبرنا اذا اصابنا عطب في حياتنا كيف نصلح هذا العطب..
ولكننا بدلا من أن نطبق قوانين الدنيا التي نعمل نحن بها علي منهج الله، فنرد كل شئ الي المنهج الذي وضعه الله لحياه الانسان،بصفته هو المنهج الوحيد الذي تصلح به هذه الحياه،بدلا من ان نفعل ذلك، واذا اصابنا عطب وشقاء في حياتنا نعود الي منهج الله لنأخذ منه الاصلاح،بدلا من ان نفعل ذلك وهو المنطقي بالنسبه لشئوننا الدنيويه نتيجه الي غير الله، نتيحه الي البشر ليضعو لنا قوانين حياتنا، ونحن نعرف يقينا ان هؤلاء البشر لم يخلقونا، وبالتالي فهم لا يعرفون اسرار النفس البشريه وخباياها، وما يصلحها وما يفسدها، فلا نجني بالاتجاه الي غير الله الا الشقاء والتعاسه.
👈🏻 لماذا يحدث ذلك؟
◾لاننا نحسب ان لنا ذاتيه في هذا الكون، واننا وإن لم نخلقه فأنه يخضع لنا، ونسينا ان الكون يخضع لنا بتسخير الله وليس باراداتنا، فالعلم الذي يكشفه لنا اللحه ننسبه لانفسنا، والكون الذي يخضعه لنا الله ننسب اخضاعه لارادتنا،
ونقول كما قال قارون:
{إنما أوتيته علي علم عندي}
( من الايه ٧٨ من سوره القصص)
◾ولو تأمل الانسان في جسده وليس في الكون لعلم أنه لا يسيطر علي نفسه، فثلاثه أرباع جسد الانسان لا يخضع للانسان، القلب يدق سواء اردت أم لم ترد ويقوم بمهمته وأنت نائم لااراده لك، وأنت مستيقظ ولك اراده،
◾فهو اذن لا يخضع لارادتك، اذا توقف لا تستطيع ان تجعله يعمل، واذا عمل لا تستطيع ان تجعله يتوقف أو أن تعطيه راحه بضع ساعات ليستريح من عناء الدق ثم يستأنف عمله مره اخري، والمعده والكبد والأمعاء والرئتان كلها لا تخضع لارادتك، بل انت لا تدري عن عملها شيئا، حتي اذا رأيت صورتها بالاشعه فأنك تذهل ان كل هذا العمل يحدث في جسمك وأنت لا تدري عنه شيئا.
◾فأذا اتينا بعد ذلك الي الي الأعضاء التي تظهر فيها اراده فالقدم تمشي بأمر منك ولكن بتسخير الله لها، فأنت لا تدري، وانت تمشي اي العضلات تنقبض وأي العضلات تنبسط. بل انك لا تصدر امرا اراديا لهذه العضلات فتقول لها انبسطي او انقبضي، بل هي تفعل ذلك تلقائيا بأمر الله، وكذلك اليد انت تحركها ظاهرا، ولكنك لا تدري كيف تتم هذه الحركه، ولا ما ينفعل لها من اعصاب وعضلات، بل انك لا تعرف وانت تقوم من مجلسك اي العضلات تنقبض وايهما تنبسط وهناك عشرات العضلات والاعصاب تنفعل لتقيمك من مجلسك وانت لا تدري عنها شيئا، بل ان الله اراد ان يلفتنا الي هذا، والي اننا ليس لنا ذاتيه فجعل هناك من له قدمان ولا يستطيع السير، ومن له عينان ولا يبصر، ومن له اذنان ولا يسمع، ومن له لسان ولا يتكلم، وجعلها امثله فعليه في الكون حتي تكون مجرد لفته لقدرته سبحانه وتعالي، ولا تكون عامه بين خلقه.
◾ورغم كل هذه الامثله في الحياه من زوال للنعمه، ومغادره للدنيا، وعدم وجود ذاتيه للانسان، فان الانسان غفل عن معني وجوده في هذه الحياه، فبدلا من ان يطبق منهج الله استعداد لحياه خالده قادمه، انطلق يعتبر نفسه اصيلا في هذا الكون، ويعتبر ان فتره الحياه الدنيا هي الغايه من وجوده وخلقه، فيحاول ان يغنم منها كل ما يستطيع، مع ان ما حوله يؤكد له انه طارئ علي هذه الحياه لفتره محدده ثم يرحل، ومع اعتقاد الانسان بأن هذه الحياه هي غايته، نسي منهج الله الذي اوضح له معني وجوده في الدنيا، وبدلا من ان يلجأ اليه ليأخذ عنه فلسفه وجوده وطريقه حياته، انطلق ليشرع لنفسه فأفسد وجاء الشقاء في الكون.
◾ الي هنا نكون قد وصلنا الي نهايه الفصل الاول عن معني الوجود.. وعرفنا ان هذا المعني كما حدده الله.. هي يبين لنا ان الحياه الدنيا انما هي مرحله قصيره من اطوار الحياه التي نعيشها، وان الله قبل ان يأتي بنا اشهدنا علي انفسنا، وعرفنا ان الحياه الحقيقيه هي في الاخره، حيث لا تفارق الانسان المؤمن النعم ولا يفارقها، وان الدنيا هي طريق اختبار الذي نمر به، وابلغنا الله انه وضع لنا منهجا في حياتنا الدنيا يصلحها لنا ويقودنا الي النعيم في الاخره، ولكننا بدلا من ان نفهم معني الوجود عن الله، ارادنا نحن أن نضع لأنفسنا معني وجودنا فاصابنا الشقاء، علي اننا لابد ان نناقش معني الحساب الذي سنمر به، وكيف يكون الحساب عدلا، مع ان قدره الله فوق اختيارنا.
◾◾◾◾◾◾
تعليقات
إرسال تعليق